السنيورة عرف كيف يستفيد من حقبة حكم رفيق الحريري إلى أقصى الدرجات (مروان طحطح)
يوم خرج الرئيس فؤاد السنيورة من رئاسة الحكومة، توقّع الكثيرون نهاية حياته السياسيّة. تماماً مثلما لم يتوقّع أحد أن يُصبح وزير المال «المكروه» رئيس حكومة «شعبياً». يُكرّر فؤاد السنيورة مفاجآته عبر تحوّله إلى رقم أساسي في المعادلة اللبنانيّة من خلال علاقاته المتشعبة
ثائر غندور
فؤاد عبد الباسط السنيورة. يذكر اللبنانيّون هذا الاسم جيّداً. هم لم ينسوه أصلاً. له اليد الطولى في صناعة الخيارات الاقتصاديّة والماليّة للبنان منذ التسعينيات. هو وزير المال «المكروه» من المواطنين، الذي تحوّل في لحظة سياسيّة نتجت من اغتيال الرئيس رفيق الحريري إلى الزعيم الأول والقائد لمشروع 14 آذار.
ترأس حكومتين. وفي أيامه خاضت إسرائيل أشرس حرب على لبنان. حاول الضغط على المقاومة ومساومتها لتسليم سلاحها. «صمد» في السرايا الحكومية لأشهر كثيرة في وجه تظاهرات واعتصامات كبيرة، وأخذت حكومته قراري 5 أيّار 2008 الشهيرين اللذين أديا إلى أحداث 7 أيار 2008.
اعتقد الكثيرون أن فؤاد السنيورة لم يكن أكثر من محطّة انتقاليّة يوفّر فيها الظروف المناسبة لتولي «الأصيل»، سعد الحريري، رئاسة الحكومة. انتشرت شائعة في البلد، قبل الانتخابات النيابيّة الأخيرة (ومصدرها مقرّبون من السنيورة)، تقول إن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، سيتفرّغ لإدارة أعماله لتولّي وظيفة مرموقة في البنك العربي، ويبتعد بالتالي عن الحياة السياسيّة اللبنانيّة.
لكن الأمر لم يكن كذلك إطلاقاً. فقد خرج فؤاد السنيورة من رئاسة الحكومة، بعدما دخل البرلمان من بوابة الجنوب، في حملة انتخابيّة خلع فيها بذلته الرسميّة وربطة العنق، وارتدى ملابس «سبور». استعمل خطاباً مذهبياً في محطّات عدّة. ولا يزال يُعدّ «الصقر» الأبرز في وجه سوريا، وهو الذي لم يزرها عبر الخط العسكري يوماً، بل عبر استقبال رسمي، كذلك لم يرتبط بأي علاقة مع ضباط استخباراتها في لبنان بطلب من الرئيس رفيق الحريري. وهو يُعدّ حتى اليوم الحاضن الأكبر لرئيس الهيئة التنفيذيّة للقوات اللبنانيّة سمير جعجع.
خرج من رئاسة الحكومة، وترأس كتلة المستقبل النيابيّة. حوّل الكتلة إلى خليّة عمل، أساسها فريق مستشاريه، لا النواب. يُنجز الدراسات، ويُنظّم ورشات العمل ليشرح للنواب والوزراء ماذا يقولون في مختلف المواضيع والملفّات المطروحة، وخصوصاً الاقتصاديّة والإداريّة.
وخاض وزميلته في صيدا النائبة بهية الحريري، أشرس معركةٍ لإبعاد الوزير وائل أبو فاعور، ومن خلفه النائب وليد جنبلاط، عن وزارة الدولة للشؤون الفلسطينيّة، لأن هذا «ملف خاص بالسنّة» كما نُقل حينها.
ثم خاض قبل ثلاثة أشهر أشرس معركة في وجه المشاريع التي قدّمها وليد جنبلاط لإعطاء الفلسطينيين حقوقهم المدنيّة في لبنان. وعمل جاهداً لربط هذا الملف بيده، من ألفه إلى يائه.
هذا في الشكل. أمّا في المضمون، فإن أغلب اللبنانيين، يعلمون بأن الرئيس السنيورة لم يكن قادراً على إكمال ولايتيه الحكوميتين لولا الدعم الأميركي المطلق الذي حازه، وخصوصاً أن توليه رئاسة الحكومة لم يكن ممكناً بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري لولا هذا الدعم، الذي تجلّى في محطّات كثيرة.
يُمكن القول إن فؤاد السنيورة عرف كيف يستفيد من حقبة حكم رفيق الحريري إلى أقصى الدرجات. وعرف أن من يُريد أن يحكم عليه أن يمتلك ثلاثة أمور أساسيّة:
1 ـــــ العلاقات الخارجيّة، وخصوصاً مع الأميركيين، وهو الذي تدرّج في علاقته بهم ليصبح رجلهم الأول بعد تأكيد وفائه لهم، منذ أن زار واشنطن رسمياً للمرّة الأولى في التسعينيات برفقة الحريري الأب. كذلك فإنه يملك شبكة علاقات خارجيّة مهمّة، برزت في زيارته الأخيرة لألمانيا في حزيران من هذا العام.
2 ـــــ مصادر التمويل لشراء الولاءات والذمم داخل تيّار المستقبل وداخل الإدارات الرسميّة.
3 ـــــ الوجود في الإدارة الرسميّة، إذ بقي السنيورة ممسكاً بالمفاتيح الأساسيّة للحكم، في ظلّ وجوده في السلطة وزيراً للمال أو رئيساً للحكومة، أو خارجها.
مكاسب فترة الحكم
خلال وجوده في وزارة المال، وفي السرايا الحكوميّة، انتشرت الشائعات عن الفساد في عدد كبير من الملفّات. ويرى الكثيرون أن الحاجة السياسيّة، اليوم، له كفيلة بتوفير الغطاء للممارسات التي قام بها من خارج القانون والأصول. كذلك فإن الصفقات التي مرّت لم يكن لها أن تمر مرور الكرام في ظروف أخرى.
يملك شبكة علاقات خارجيّة مهمّة برزت في زيارته الأخيرة لألمانيا
يطرح العديد من المتابعين أسئلة عن سبب تغطية فؤاد السنيورة ودوره. وهل الفساد الذي ازدهر في ظلّه، هو مجرد فساد شكليّ، أم هو جزء من سياسة مركّزة تهدف إلى إفراغ البلد من قيمه. وماذا لو كان الأمران ـــــ السياسة التي يتبعها، والسيطرة على قطاعات على نحو مخالف لأبسط القواعد ـــــ مرتبطين ارتباطاً وثيقاً ويصبّان في الخانة نفسها، وهي محاصرة المقاومة في لبنان، أي مقاومةٍ كانت ولأي جهة انتمت، مالياً واقتصادياً واجتماعياً؟ وخصوصاً أن الجميع يتفقون على أن سلاح الفساد هو في لبنان أهم الأسلحة ضد جمهور المقاومة ومناعته، وقد سبق لسلاح الفساد أن أطاح عدداً كبيراً من الحركات التحريريّة والثوريّة في ربوع العالم قبل أن يجرّب ذلك في لبنان. وهل هي صدفة أن يكون الرئيس الأفغاني حميد قرضاي والرئيس الفلسطيني محمود عباس والسياسي العراقي أحمد الشلبي والسنيورة داروا أو يدورون في الفلك الأميركي في الوقت نفسه؟
قد يظنّ البعض أن هذا الكلام لا صحة فيه، وقد يظن آخرون أنه يُمكن أن يكون أخطر ما حيك لتصفية ثقافة المقاومة عبر الفساد المستشري.
في الوقائع، لقد اختفى الرجل عن المنابر السياسية العلنيّة، إلا في صيدا وفي الملف الفلسطيني، إذ ذكّر في الانتخابات البلديّة رئيس الحكومة سعد الحريري بقوته وأولويّة خياراته، إذ أطاح التوافق البلدي وكسر الاتفاقية بين الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري، وفرض معركة موجّهة قبل أي شخص آخر إلى رئيس المجلس. ثم خاض معركة الإمساك بالكامل بالملف الفلسطيني.
إلا أن هذا الإثبات للوجود في هذه المرحلة ليس الأهم، بل النظر إلى مصادر التمويل التي توفر له الغطاء المالي.
ففي قطاع المصارف وما يدور في فلكها، أحكم السنيورة سيطرته على جزء من لجنة الرقابة على المصارف، ثم استطاع أن يسمي الأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة لتبييض الأموال، عبد الحفيظ منصور (تحت غطاء أنه يعمل لدى الرئيس نجيب ميقاتي)، بالإضافة إلى أحد نواب الحاكم الذي يضطلع بدور أساسي داخل التركيبة. وهذا الأمر كافٍ لتخيّل حجم المعلومات الحساسة التي يُمكنه الولوج إليها والتي تُفيد كثيراً في اتخاذ القرارات والضغط على الخصوم والأتباع وابتزاز من يسعى إلى ابتزازهم، فضلاً عن المخاطر الأمنيّة.
ويعرف المقرّبون من حاكم مصرف لبنان أن للسنيورة نيّة في وضع اليد على شركة طيران الشرق الأوسط، وأنه أسهم بقوة في تحريك الأرض لنشوب المشكلة التي شهدتها، وذلك بعدما استولى السنيورة على شركة الطيران عبر المتوسط TMA، مع شريكه مازن البساط بقيمة ليرة لبنانيّة واحدة، (وهي الشركة التي تخوض اليوم أشرس معركة في وجه نقابة الطيّارين اللبنانيين).
وزرع المقرّب منه النائب غازي يوسف في شركة MEAS (شركة الشرق الأوسط لخدمة المطارات) التي يمكنها تحريك العاملين في مطار بيروت، وتوظيف مَن يجمع المعلومات.
أمّا في السوق الحرّة، فإن شريك السنيورة محمد زيدان، يُحكم السيطرة عليها، وباتت تُعدّ من أهم أبواب تهريب السجائر والسيكار والمشروبات الكحوليّة، بحسب تقارير موجودة عند جهات عدّة. وقد مدّد السنيورة سابقاً العقد المتعلّق بالسوق الحرّة قبل انتهائه بسنتين (وهو يسعى إلى تمديده مجدداً قريباً) وذلك مقابل زيادة عائدات السنيورة المنظورة وغير المنظورة من هذه السوق.
بالإضافة إلى الحديث عن السوق الحرّة، فبعد تمديد عقدها قبل فترة طويلة من انتهائه، نُفي عدد من الموظفين من إدارة الجمارك الذين أشاروا في حينه إلى خلل في الرقابة. وكل هذا يؤمّن المال من جهة والمواقع الحساسة من جهة أخرى.
وفي ما يتعلّق بإدارة الجمارك، لماذا لا يُعيَّن المديرون العامون لدى هذا الجهاز الأساسي لأمن لبنان؟ والمعروف أن السنيورة يتحكّم بكل التعيينات في وزارة المال عبر مستشاريه الذين يقومون بعمل الوزيرة ريا الحسن، وخصوصاً أن أحدهم (نبيل يموت) حضر جلسة مجلس الوزراء المخصصة للموازنة مع الحسن وشارك في النقاشات بما هو مخالف للدستور. ويتولّى هؤلاء المستشارون إدارة الفراغ مكان المديرين العامين في الجمارك. وغنيٌ عن التذكير، أن إدارة الجمارك هي التي يفترض أن تتحكّم بما يدخل لبنان، مع العلم بأن الفترة الماضية شهدت ازدياداً كبيراً في الفساد عبر النقاط الحدوديّة وفساداً مستشرياً بين موظفي الجمارك، إلا أن المسؤولين لم يحركوا ساكناً لمحاولة التخفيف من هذه الممارسات.
أمّا الفضيحة الكبرى، فإنها في شركة سوكلين، حيث ينال السنيورة حصّة من أرباحها، عبر تغطية شريكه ميسرة سكّر، من خلال التمديد لسوكلين بعقود خياليّة، وهو أمر تكرّر في مجلس الوزراء أخيراً. كذلك حصل سليم دياب على عقد استشاري من سوكلين، من دون معرفة ما الذي يُمكن أن يُقدّمه دياب.
أمّا لجهة الإدارة الرسميّة، فإن فؤاد عبد الباسط السنيورة يواظب على الاتصال بالمديرين العامين وترهيبهم وترغيبهم للحصول على المعلومات.
وهو الذي عيّن عبد المنعم يوسف في موقعين متناقضين: مدير الاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات ورئيس مجلس الإدارة والمدير العام لأوجيرو، وحماه وذلك في سبيل السيطرة على قطاع الاتصالات.
ويُسيطر السنيورة كاملاً على الضرائب والحسابات العامة (نفقات) عبر التشكيلات الأخيرة والأزلام في الإدارة الماليّة وإدارة الضرائب، من الفئة الرابعة إلى الثانية، وعبر المستشارين، وهي تحوّلت إلى وسيلة ضغط ومكافأة دائمة، بحيث تُخفَض الضرائب عن رجال الأعمال والتجار المقرّبين ولا يُلاحَق الذين لا يُصرّحون عن أموالهم، ويُعاقَب الآخرون عبر تكليفهم على أساس حساباتهم الفعليّة، كذلك فإنه يُمثّل كنز معلومات عن الأشخاص.
ويستمر السنيورة بتهريب ما قام به في السنوات الخمس التي رأس فيها حكومة لبنان، عبر منع إنجاز قطع الحسابات المالية، حتى الآن. وهو منع أي موظّف من إخراج أي رقم من وزارة المال، وأقنع الحريري بالمماطلة في هذا الأمر، وأوحى له أن المطالبة بالحسابات الماليّة للسنوات التي مرّت استهداف مباشر له، رغم أن هذا أمر دستوري بالكامل، إذ لا يحق إقرار الموازنة من دون قطع الحسابات. والسؤال هو: لماذا يمنع السنيورة إقرار قطع الحسابات الماليّة، وما الذي ستكشفه هذه الحسابات؟
اللافت أن الأسلوب نفسه اتّبعه في الكهرباء وغيرها من منع الإدارة من إمكان النهوض والتوظيف لفرض الخصخصة عبر أخذ المواطنين رهائن. والجميع يذكرون كيف منع وزير الطاقة والموارد السابق آلان طابوريان من عرض خطّته لإصلاح قطاع الكهرباء لأشهر، وعندما وُزِّعت على الوزراء، سحبها عن طاولة مجلس الوزراء. واليوم يعيش البلد بعتمة، كان من الممكن تفادي جزء منها لو اعتمدت حينها خطّة طابوريان.
السيطرة على الحساب البلدي المستقل الذي أكلت معظمه شركة سوكلين (الصديق ميسرة سكر) وشركتا آل أزعور (وهم من أقرباء وزير ماله السابق وتابعه الوفي جهاد أزعور)، بحيث أصبحت البلديّات تُعاني نقصاً مالياً جدياً يمنعها من القيام بدورها، وعليها تقديم فروض الطاعة، للحصول على أموالها من وزارة المال.
هذا، فضلاً عما يحصل عليه من شركات الترابة في شكا، والاتفاقيّات الأمنيّة التي وقّعها، والتي كُشف بعضها أخيراً.
كذلك، فإن السنيورة يشتري حالياً الأراضي على نحو واسع في مدينة صيدا، وهو اشترى أخيراً (بالشراكة مع محمد زيدان) موقف البخور في صيدا (موقف في ساحة النجمة)، واشترى عبر زيدان أيضاً، الأراضي المحيطة بمخيّم عين الحلوة.
هكذا يتمكن السنيورة من توفير تمويل هائل يسمح له بمدّ شبكة العنكبوت التي تغطي الأمن والحدود والمواصلات والاتصالات وغيرها من الأشياء الحساسة جداً. ترى، هل هي صدفة؟ أم مشروع؟ أم مهمّة مكلّف بها؟
--------------------------------------------------------------------------------
تيار السنيورة
بعد ابتعاده عن رئاسة الحكومة، حافظ الرئيس فؤاد السنيورة على وجود له داخل الحكومة، وذلك عبر الوزير طارق متري (الذي دخل الوزارة الأولى للسنيورة من ضمن حصّة الرئيس السابق إميل لحود)، والوزيرة ريّا الحسن، رغم أن البعض يُشيع أن علاقتهما غير جيّدة.
وجناح السنيورة في كتلة تيّار المستقبل يُعدّ أقوى جناح، ومن أهم رموزه النواب: أحمد فتفت، جمال الجراح، عاصم عراجي ومحمّد الحجار. كذلك أبقى حضور النائب السابق مصطفى علّوش في كتلة المستقبل في خطوة أولى من نوعها بتاريخ الكتل النيابيّة.
وهو أسهم في تعيين فتفت والنائب السابق سليم دياب ورضوان السيّد في المكتب السياسي لتيّار المستقبل، علماً بأن مستشاره الإعلامي عارف العبد خسر في انتخابات المكتب السياسي. ويُشير متابعون، إلى أن أحد أهم أبواب الاختلاف بين السنيورة والحريري هو مستشاراهما الإعلاميان، العبد وهاني حمّود. إذ يرى العبد أن حمود هو من أقصاه عن جريدة المستقبل، فيما يتمسك كل من الحريري والسنيورة بمستشاريهما بقوّة. وقد قام حمّود «بقصقصة» أجنحة المقرّبين من السنيورة في البقاع، وخصوصاً النائب جمال الجرّاح.
لكن ذلك لا يمنع أن يكون مستشار رئيس الحكومة للشؤون الخارجيّة، من أقرب المقرّبين من السنيورة، ووزير ماليّته محمّد شطح. ويُعدّ العميد غسّان بلعة من المقربين من السنيورة في محيط الحريري على المستوى الأمني، وهو الذي قام بخطوة كانت مفاجئة خلال أحداث السابع من أيّار 2008، حينما هدّد باستقالة الضباط السُّنة من الجيش.
ويعمل السنيورة على إيصال وزير ماله السابق، جهاد أزعور إلى صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي ليُمسك بملفي لبنان وسوريا.
وقد استطاع أن يحمي غطاءه الديني ـــــ المذهبي خلال فترة وجوده في السرايا الحكوميّة، أي المفتي محمد رشيد قباني، الذي أُثيرت في وجهه ملفّات الفساد المالي، وأُلّفت لجنة من رؤساء الوزراء السابقين والحاليين برئاسة السنيورة للتدقيق في الحسابات الماليّة واتخاذ الإجراءات المناسبة وإيجاد حلّ لمشكلة دار الفتوى التي سبّبها. لكن اللجنة لم تصل إلى نتيجة حتى اللحظة، ورغم الوصول إلى حجم الاختلاسات جرى تمييع هذا الأمر وعدم نشره للرأي العام.
--------------------------------------------------------------------------------
زعيم 14 آذار
لا يملك الرئيس فؤاد السنيورة أي موقع رسمي في 14 آذار، ولا يُعدّ ممثلاً لتيّار المستقبل في 14 آذار، لكنّه يؤدي دوراً فاعلاً في تنسيق مواقف قوى 14 آذار والاجتماع بها في مكتبه، لبلورة مواقف موحّدة. وأبرز الملفّات التي عمل عليها، ملف الموازنة والحقوق المدنيّة للشعب الفلسطيني. وتتحدّث بعض الأوساط في 14 آذار عن تباين بينه وبين رئيس الحكومة سعد الحريري في هذين الملفين، وهو سعى إلى «زرك» الحريري في مواقف عدّة، وهمّش رئيسة لجنة الحوار اللبناني ـــــ الفلسطيني مايا مجذوب، التي عيّنها الحريري، لمصلحة زياد الصايغ القريب منه.
وقد ظهر هذا الاختلاف في جلسة مجلس النواب الأخيرة حين تحوّل المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل، وسيطاً بينه وبين الحريري.
وتتساءل أوساط في 14 آذار عن سبب هذا التباين، وعن الدور الذي يرغب في القيام به فؤاد السنيورة.
يوم خرج الرئيس فؤاد السنيورة من رئاسة الحكومة، توقّع الكثيرون نهاية حياته السياسيّة. تماماً مثلما لم يتوقّع أحد أن يُصبح وزير المال «المكروه» رئيس حكومة «شعبياً». يُكرّر فؤاد السنيورة مفاجآته عبر تحوّله إلى رقم أساسي في المعادلة اللبنانيّة من خلال علاقاته المتشعبة
ثائر غندور
فؤاد عبد الباسط السنيورة. يذكر اللبنانيّون هذا الاسم جيّداً. هم لم ينسوه أصلاً. له اليد الطولى في صناعة الخيارات الاقتصاديّة والماليّة للبنان منذ التسعينيات. هو وزير المال «المكروه» من المواطنين، الذي تحوّل في لحظة سياسيّة نتجت من اغتيال الرئيس رفيق الحريري إلى الزعيم الأول والقائد لمشروع 14 آذار.
ترأس حكومتين. وفي أيامه خاضت إسرائيل أشرس حرب على لبنان. حاول الضغط على المقاومة ومساومتها لتسليم سلاحها. «صمد» في السرايا الحكومية لأشهر كثيرة في وجه تظاهرات واعتصامات كبيرة، وأخذت حكومته قراري 5 أيّار 2008 الشهيرين اللذين أديا إلى أحداث 7 أيار 2008.
اعتقد الكثيرون أن فؤاد السنيورة لم يكن أكثر من محطّة انتقاليّة يوفّر فيها الظروف المناسبة لتولي «الأصيل»، سعد الحريري، رئاسة الحكومة. انتشرت شائعة في البلد، قبل الانتخابات النيابيّة الأخيرة (ومصدرها مقرّبون من السنيورة)، تقول إن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، سيتفرّغ لإدارة أعماله لتولّي وظيفة مرموقة في البنك العربي، ويبتعد بالتالي عن الحياة السياسيّة اللبنانيّة.
لكن الأمر لم يكن كذلك إطلاقاً. فقد خرج فؤاد السنيورة من رئاسة الحكومة، بعدما دخل البرلمان من بوابة الجنوب، في حملة انتخابيّة خلع فيها بذلته الرسميّة وربطة العنق، وارتدى ملابس «سبور». استعمل خطاباً مذهبياً في محطّات عدّة. ولا يزال يُعدّ «الصقر» الأبرز في وجه سوريا، وهو الذي لم يزرها عبر الخط العسكري يوماً، بل عبر استقبال رسمي، كذلك لم يرتبط بأي علاقة مع ضباط استخباراتها في لبنان بطلب من الرئيس رفيق الحريري. وهو يُعدّ حتى اليوم الحاضن الأكبر لرئيس الهيئة التنفيذيّة للقوات اللبنانيّة سمير جعجع.
خرج من رئاسة الحكومة، وترأس كتلة المستقبل النيابيّة. حوّل الكتلة إلى خليّة عمل، أساسها فريق مستشاريه، لا النواب. يُنجز الدراسات، ويُنظّم ورشات العمل ليشرح للنواب والوزراء ماذا يقولون في مختلف المواضيع والملفّات المطروحة، وخصوصاً الاقتصاديّة والإداريّة.
وخاض وزميلته في صيدا النائبة بهية الحريري، أشرس معركةٍ لإبعاد الوزير وائل أبو فاعور، ومن خلفه النائب وليد جنبلاط، عن وزارة الدولة للشؤون الفلسطينيّة، لأن هذا «ملف خاص بالسنّة» كما نُقل حينها.
ثم خاض قبل ثلاثة أشهر أشرس معركة في وجه المشاريع التي قدّمها وليد جنبلاط لإعطاء الفلسطينيين حقوقهم المدنيّة في لبنان. وعمل جاهداً لربط هذا الملف بيده، من ألفه إلى يائه.
هذا في الشكل. أمّا في المضمون، فإن أغلب اللبنانيين، يعلمون بأن الرئيس السنيورة لم يكن قادراً على إكمال ولايتيه الحكوميتين لولا الدعم الأميركي المطلق الذي حازه، وخصوصاً أن توليه رئاسة الحكومة لم يكن ممكناً بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري لولا هذا الدعم، الذي تجلّى في محطّات كثيرة.
يُمكن القول إن فؤاد السنيورة عرف كيف يستفيد من حقبة حكم رفيق الحريري إلى أقصى الدرجات. وعرف أن من يُريد أن يحكم عليه أن يمتلك ثلاثة أمور أساسيّة:
1 ـــــ العلاقات الخارجيّة، وخصوصاً مع الأميركيين، وهو الذي تدرّج في علاقته بهم ليصبح رجلهم الأول بعد تأكيد وفائه لهم، منذ أن زار واشنطن رسمياً للمرّة الأولى في التسعينيات برفقة الحريري الأب. كذلك فإنه يملك شبكة علاقات خارجيّة مهمّة، برزت في زيارته الأخيرة لألمانيا في حزيران من هذا العام.
2 ـــــ مصادر التمويل لشراء الولاءات والذمم داخل تيّار المستقبل وداخل الإدارات الرسميّة.
3 ـــــ الوجود في الإدارة الرسميّة، إذ بقي السنيورة ممسكاً بالمفاتيح الأساسيّة للحكم، في ظلّ وجوده في السلطة وزيراً للمال أو رئيساً للحكومة، أو خارجها.
مكاسب فترة الحكم
خلال وجوده في وزارة المال، وفي السرايا الحكوميّة، انتشرت الشائعات عن الفساد في عدد كبير من الملفّات. ويرى الكثيرون أن الحاجة السياسيّة، اليوم، له كفيلة بتوفير الغطاء للممارسات التي قام بها من خارج القانون والأصول. كذلك فإن الصفقات التي مرّت لم يكن لها أن تمر مرور الكرام في ظروف أخرى.
يملك شبكة علاقات خارجيّة مهمّة برزت في زيارته الأخيرة لألمانيا
يطرح العديد من المتابعين أسئلة عن سبب تغطية فؤاد السنيورة ودوره. وهل الفساد الذي ازدهر في ظلّه، هو مجرد فساد شكليّ، أم هو جزء من سياسة مركّزة تهدف إلى إفراغ البلد من قيمه. وماذا لو كان الأمران ـــــ السياسة التي يتبعها، والسيطرة على قطاعات على نحو مخالف لأبسط القواعد ـــــ مرتبطين ارتباطاً وثيقاً ويصبّان في الخانة نفسها، وهي محاصرة المقاومة في لبنان، أي مقاومةٍ كانت ولأي جهة انتمت، مالياً واقتصادياً واجتماعياً؟ وخصوصاً أن الجميع يتفقون على أن سلاح الفساد هو في لبنان أهم الأسلحة ضد جمهور المقاومة ومناعته، وقد سبق لسلاح الفساد أن أطاح عدداً كبيراً من الحركات التحريريّة والثوريّة في ربوع العالم قبل أن يجرّب ذلك في لبنان. وهل هي صدفة أن يكون الرئيس الأفغاني حميد قرضاي والرئيس الفلسطيني محمود عباس والسياسي العراقي أحمد الشلبي والسنيورة داروا أو يدورون في الفلك الأميركي في الوقت نفسه؟
قد يظنّ البعض أن هذا الكلام لا صحة فيه، وقد يظن آخرون أنه يُمكن أن يكون أخطر ما حيك لتصفية ثقافة المقاومة عبر الفساد المستشري.
في الوقائع، لقد اختفى الرجل عن المنابر السياسية العلنيّة، إلا في صيدا وفي الملف الفلسطيني، إذ ذكّر في الانتخابات البلديّة رئيس الحكومة سعد الحريري بقوته وأولويّة خياراته، إذ أطاح التوافق البلدي وكسر الاتفاقية بين الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري، وفرض معركة موجّهة قبل أي شخص آخر إلى رئيس المجلس. ثم خاض معركة الإمساك بالكامل بالملف الفلسطيني.
إلا أن هذا الإثبات للوجود في هذه المرحلة ليس الأهم، بل النظر إلى مصادر التمويل التي توفر له الغطاء المالي.
ففي قطاع المصارف وما يدور في فلكها، أحكم السنيورة سيطرته على جزء من لجنة الرقابة على المصارف، ثم استطاع أن يسمي الأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة لتبييض الأموال، عبد الحفيظ منصور (تحت غطاء أنه يعمل لدى الرئيس نجيب ميقاتي)، بالإضافة إلى أحد نواب الحاكم الذي يضطلع بدور أساسي داخل التركيبة. وهذا الأمر كافٍ لتخيّل حجم المعلومات الحساسة التي يُمكنه الولوج إليها والتي تُفيد كثيراً في اتخاذ القرارات والضغط على الخصوم والأتباع وابتزاز من يسعى إلى ابتزازهم، فضلاً عن المخاطر الأمنيّة.
ويعرف المقرّبون من حاكم مصرف لبنان أن للسنيورة نيّة في وضع اليد على شركة طيران الشرق الأوسط، وأنه أسهم بقوة في تحريك الأرض لنشوب المشكلة التي شهدتها، وذلك بعدما استولى السنيورة على شركة الطيران عبر المتوسط TMA، مع شريكه مازن البساط بقيمة ليرة لبنانيّة واحدة، (وهي الشركة التي تخوض اليوم أشرس معركة في وجه نقابة الطيّارين اللبنانيين).
وزرع المقرّب منه النائب غازي يوسف في شركة MEAS (شركة الشرق الأوسط لخدمة المطارات) التي يمكنها تحريك العاملين في مطار بيروت، وتوظيف مَن يجمع المعلومات.
أمّا في السوق الحرّة، فإن شريك السنيورة محمد زيدان، يُحكم السيطرة عليها، وباتت تُعدّ من أهم أبواب تهريب السجائر والسيكار والمشروبات الكحوليّة، بحسب تقارير موجودة عند جهات عدّة. وقد مدّد السنيورة سابقاً العقد المتعلّق بالسوق الحرّة قبل انتهائه بسنتين (وهو يسعى إلى تمديده مجدداً قريباً) وذلك مقابل زيادة عائدات السنيورة المنظورة وغير المنظورة من هذه السوق.
بالإضافة إلى الحديث عن السوق الحرّة، فبعد تمديد عقدها قبل فترة طويلة من انتهائه، نُفي عدد من الموظفين من إدارة الجمارك الذين أشاروا في حينه إلى خلل في الرقابة. وكل هذا يؤمّن المال من جهة والمواقع الحساسة من جهة أخرى.
وفي ما يتعلّق بإدارة الجمارك، لماذا لا يُعيَّن المديرون العامون لدى هذا الجهاز الأساسي لأمن لبنان؟ والمعروف أن السنيورة يتحكّم بكل التعيينات في وزارة المال عبر مستشاريه الذين يقومون بعمل الوزيرة ريا الحسن، وخصوصاً أن أحدهم (نبيل يموت) حضر جلسة مجلس الوزراء المخصصة للموازنة مع الحسن وشارك في النقاشات بما هو مخالف للدستور. ويتولّى هؤلاء المستشارون إدارة الفراغ مكان المديرين العامين في الجمارك. وغنيٌ عن التذكير، أن إدارة الجمارك هي التي يفترض أن تتحكّم بما يدخل لبنان، مع العلم بأن الفترة الماضية شهدت ازدياداً كبيراً في الفساد عبر النقاط الحدوديّة وفساداً مستشرياً بين موظفي الجمارك، إلا أن المسؤولين لم يحركوا ساكناً لمحاولة التخفيف من هذه الممارسات.
أمّا الفضيحة الكبرى، فإنها في شركة سوكلين، حيث ينال السنيورة حصّة من أرباحها، عبر تغطية شريكه ميسرة سكّر، من خلال التمديد لسوكلين بعقود خياليّة، وهو أمر تكرّر في مجلس الوزراء أخيراً. كذلك حصل سليم دياب على عقد استشاري من سوكلين، من دون معرفة ما الذي يُمكن أن يُقدّمه دياب.
أمّا لجهة الإدارة الرسميّة، فإن فؤاد عبد الباسط السنيورة يواظب على الاتصال بالمديرين العامين وترهيبهم وترغيبهم للحصول على المعلومات.
وهو الذي عيّن عبد المنعم يوسف في موقعين متناقضين: مدير الاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات ورئيس مجلس الإدارة والمدير العام لأوجيرو، وحماه وذلك في سبيل السيطرة على قطاع الاتصالات.
ويُسيطر السنيورة كاملاً على الضرائب والحسابات العامة (نفقات) عبر التشكيلات الأخيرة والأزلام في الإدارة الماليّة وإدارة الضرائب، من الفئة الرابعة إلى الثانية، وعبر المستشارين، وهي تحوّلت إلى وسيلة ضغط ومكافأة دائمة، بحيث تُخفَض الضرائب عن رجال الأعمال والتجار المقرّبين ولا يُلاحَق الذين لا يُصرّحون عن أموالهم، ويُعاقَب الآخرون عبر تكليفهم على أساس حساباتهم الفعليّة، كذلك فإنه يُمثّل كنز معلومات عن الأشخاص.
ويستمر السنيورة بتهريب ما قام به في السنوات الخمس التي رأس فيها حكومة لبنان، عبر منع إنجاز قطع الحسابات المالية، حتى الآن. وهو منع أي موظّف من إخراج أي رقم من وزارة المال، وأقنع الحريري بالمماطلة في هذا الأمر، وأوحى له أن المطالبة بالحسابات الماليّة للسنوات التي مرّت استهداف مباشر له، رغم أن هذا أمر دستوري بالكامل، إذ لا يحق إقرار الموازنة من دون قطع الحسابات. والسؤال هو: لماذا يمنع السنيورة إقرار قطع الحسابات الماليّة، وما الذي ستكشفه هذه الحسابات؟
اللافت أن الأسلوب نفسه اتّبعه في الكهرباء وغيرها من منع الإدارة من إمكان النهوض والتوظيف لفرض الخصخصة عبر أخذ المواطنين رهائن. والجميع يذكرون كيف منع وزير الطاقة والموارد السابق آلان طابوريان من عرض خطّته لإصلاح قطاع الكهرباء لأشهر، وعندما وُزِّعت على الوزراء، سحبها عن طاولة مجلس الوزراء. واليوم يعيش البلد بعتمة، كان من الممكن تفادي جزء منها لو اعتمدت حينها خطّة طابوريان.
السيطرة على الحساب البلدي المستقل الذي أكلت معظمه شركة سوكلين (الصديق ميسرة سكر) وشركتا آل أزعور (وهم من أقرباء وزير ماله السابق وتابعه الوفي جهاد أزعور)، بحيث أصبحت البلديّات تُعاني نقصاً مالياً جدياً يمنعها من القيام بدورها، وعليها تقديم فروض الطاعة، للحصول على أموالها من وزارة المال.
هذا، فضلاً عما يحصل عليه من شركات الترابة في شكا، والاتفاقيّات الأمنيّة التي وقّعها، والتي كُشف بعضها أخيراً.
كذلك، فإن السنيورة يشتري حالياً الأراضي على نحو واسع في مدينة صيدا، وهو اشترى أخيراً (بالشراكة مع محمد زيدان) موقف البخور في صيدا (موقف في ساحة النجمة)، واشترى عبر زيدان أيضاً، الأراضي المحيطة بمخيّم عين الحلوة.
هكذا يتمكن السنيورة من توفير تمويل هائل يسمح له بمدّ شبكة العنكبوت التي تغطي الأمن والحدود والمواصلات والاتصالات وغيرها من الأشياء الحساسة جداً. ترى، هل هي صدفة؟ أم مشروع؟ أم مهمّة مكلّف بها؟
--------------------------------------------------------------------------------
تيار السنيورة
بعد ابتعاده عن رئاسة الحكومة، حافظ الرئيس فؤاد السنيورة على وجود له داخل الحكومة، وذلك عبر الوزير طارق متري (الذي دخل الوزارة الأولى للسنيورة من ضمن حصّة الرئيس السابق إميل لحود)، والوزيرة ريّا الحسن، رغم أن البعض يُشيع أن علاقتهما غير جيّدة.
وجناح السنيورة في كتلة تيّار المستقبل يُعدّ أقوى جناح، ومن أهم رموزه النواب: أحمد فتفت، جمال الجراح، عاصم عراجي ومحمّد الحجار. كذلك أبقى حضور النائب السابق مصطفى علّوش في كتلة المستقبل في خطوة أولى من نوعها بتاريخ الكتل النيابيّة.
وهو أسهم في تعيين فتفت والنائب السابق سليم دياب ورضوان السيّد في المكتب السياسي لتيّار المستقبل، علماً بأن مستشاره الإعلامي عارف العبد خسر في انتخابات المكتب السياسي. ويُشير متابعون، إلى أن أحد أهم أبواب الاختلاف بين السنيورة والحريري هو مستشاراهما الإعلاميان، العبد وهاني حمّود. إذ يرى العبد أن حمود هو من أقصاه عن جريدة المستقبل، فيما يتمسك كل من الحريري والسنيورة بمستشاريهما بقوّة. وقد قام حمّود «بقصقصة» أجنحة المقرّبين من السنيورة في البقاع، وخصوصاً النائب جمال الجرّاح.
لكن ذلك لا يمنع أن يكون مستشار رئيس الحكومة للشؤون الخارجيّة، من أقرب المقرّبين من السنيورة، ووزير ماليّته محمّد شطح. ويُعدّ العميد غسّان بلعة من المقربين من السنيورة في محيط الحريري على المستوى الأمني، وهو الذي قام بخطوة كانت مفاجئة خلال أحداث السابع من أيّار 2008، حينما هدّد باستقالة الضباط السُّنة من الجيش.
ويعمل السنيورة على إيصال وزير ماله السابق، جهاد أزعور إلى صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي ليُمسك بملفي لبنان وسوريا.
وقد استطاع أن يحمي غطاءه الديني ـــــ المذهبي خلال فترة وجوده في السرايا الحكوميّة، أي المفتي محمد رشيد قباني، الذي أُثيرت في وجهه ملفّات الفساد المالي، وأُلّفت لجنة من رؤساء الوزراء السابقين والحاليين برئاسة السنيورة للتدقيق في الحسابات الماليّة واتخاذ الإجراءات المناسبة وإيجاد حلّ لمشكلة دار الفتوى التي سبّبها. لكن اللجنة لم تصل إلى نتيجة حتى اللحظة، ورغم الوصول إلى حجم الاختلاسات جرى تمييع هذا الأمر وعدم نشره للرأي العام.
--------------------------------------------------------------------------------
زعيم 14 آذار
لا يملك الرئيس فؤاد السنيورة أي موقع رسمي في 14 آذار، ولا يُعدّ ممثلاً لتيّار المستقبل في 14 آذار، لكنّه يؤدي دوراً فاعلاً في تنسيق مواقف قوى 14 آذار والاجتماع بها في مكتبه، لبلورة مواقف موحّدة. وأبرز الملفّات التي عمل عليها، ملف الموازنة والحقوق المدنيّة للشعب الفلسطيني. وتتحدّث بعض الأوساط في 14 آذار عن تباين بينه وبين رئيس الحكومة سعد الحريري في هذين الملفين، وهو سعى إلى «زرك» الحريري في مواقف عدّة، وهمّش رئيسة لجنة الحوار اللبناني ـــــ الفلسطيني مايا مجذوب، التي عيّنها الحريري، لمصلحة زياد الصايغ القريب منه.
وقد ظهر هذا الاختلاف في جلسة مجلس النواب الأخيرة حين تحوّل المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل، وسيطاً بينه وبين الحريري.
وتتساءل أوساط في 14 آذار عن سبب هذا التباين، وعن الدور الذي يرغب في القيام به فؤاد السنيورة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق