بعـــــثَ الإلـــــــهُ إلى الأنــــــــــــامِ محمداً
وأتمَّها بخلافــــــــــــــةِ المــــــــــــــــولى علي
وتنــــــــــــــــــــزَّلَ القرآنُ عنـــــــــدَ محمدٍ
وكمالُ تأويلِ الكتابِ غـــدَا علي
وإلــــــــى معاريـــــــــــجِ الســماءِ محمدٌ
يرقـــــى فيلقى عنــــدَ سُدرتِها علي
ويهــــــــاجرُ البلـــــــــدَ الحـــــرامَ محمدٌ
ويبيـــــــــــــتُ مفتديـــــــاً بمرقـــــــــــدِهِ علي
ويقيـــــــــــمُ صرحـــــــاً للجهــــــادِ محمدٌ
منْ ذَا الَّذي صَرَعَ العُتَاةَ سِوى علي
في خنــــــــــدقِ الأحزابِ صــــاحَ محمدٌ
منْ ذَا لِعَمْروٍ فانْبرى يَمضِي علي
وكَـــــــــذَاكَ في أُحْــــــدٍ أُصِيــــبَ محمدٌ
فـــــــــرَّ الجميعُ وكانَ كـــــــــرَّاراً علي
فَـلَــــــرَحْمَةُ البــــــــاري عليــــــــنا محمدٌ
والصَدْمَةُ الكُبْرَى على الأَعْدَا علي
ومــــدينــــــــــةُ العِــــــــلمِ العظــــــيمِ محمدٌ
والبابُ لِلصرْحِ المبــــــــينِ غــــــدَا علي
فـــــاعلمْ لــــــــواءُ الحمـــدِ بِـــــــاسْمِ محمدٍ
ونـــــــــراهُ في يومِ القيامـــــــةِ مــعْ علي
والحوضُ يـــــــــــومَ الوردِ ملكُ محمدٍ
لكنما الساقي عليهِ غــــــدَاً علي
أعطــــــــــــــــــى إلهــــيَ كــــــوثـــــــــراً لِمحمدٍ
مَنْ زُوِّجَ الطُهْرَ البتولَ سِوى علي
ويحـــــــــــــــجُّ في بيــــــتِ الإلــــــــــــــــــهِ محمدٌ
أَوَلَيسَ منْ بيتِ الإلــــــهِ أَتَى علي
والجنـــــــــــــــةُ المُثْــــلـــَى لِـــــــــدِيـــــنِ محمدٍ
لكنْ بِشرطِ دُخُولِها تَهوَى علي
والنـــــــــــارُ مــــا خُلِقَتْ وَحـــــــَقِّ محمدٍ
إلا لِتصلَى الحـــاقديــــنَ علَى علي
والجنــــــــــةُ والنـــــــــــــــــــارُ قُـــــــــــــلْ لِمحمدٍ
وقسيمُها يومَ الحِسابِ غداً علي
وأُتِـــــــــــــــــمَّ بــــالإيمــــــــانِ ديـــــنُ محمدٍ
وبها تَسَمَّى يــــــومَ خَنْـــدَقِهِمْ علي
وعلـــــــــــــــــيُّ يَــــــــدْعُو رَبَّـــــــــــــــــــــهُ بِمحمدٍ
ومحمـــــــــدٌ يَدْعُو بِحَـــقِّ أَخِيه علي القصيدة للخطيب السيد نصرات قشاقش |
الجمعة، 24 ديسمبر 2010
القصيدة ... المحمدية العلوية ...
السبت، 18 ديسمبر 2010
ماذا بعد معركة الطف؟؟؟؟
بعدما وضعت معركة الطف أوزارها وبدأت الجنود تنسحب من أرض الميدان،
حاول ابن زياد بأمر من يزيد لملمة الوضع والتستر على الجريمة ولهذا أمر بأسر كل من بقي من النساء والأطفال، للتغطية وضمان عدم إشاعة خبر قتل الإمام الحسين (عليه السلام )وأهل بيته .
فكان موقف السيدة زينب (عليه السلام) بمثابة البيان الإعلامي الذي حرك تلك الضمائر التي كادت أن تموت فكان الهتاف:
(ليت السماء أطبقت على الأرض)
فبلغ هذا الصوت أسماع القوم،
فتساءلوا من هذه المرأة؟
فإذا بامرأة تعلوها الهيبة ويجللها الوقار متشحة بالسواد
وإذا بالمجيب
أنها زينب بنت علي بن أبي طالب
تشق طريقها وسط الجيش بقلبها الذي لم تثنه شراسة الأعداء
فتقف على جسد أخيها الحسين (عليه السلام) لتطلق العبارة الخالدة
(اللهم تقبل هذا القربان من آل محمد)
لتوصل رسالة إعلامية بالغة الأهمية إلى القوم فكانت كالعاصفة التي هزت الطغاة وأربكتهم، حيث فاجئتهم (عليها السلام) بهذا الموقف البطولي
الذي لا يستغرب من أهل بيت نذروا أنفسهم لبارئهم وأدركوا حينها أنهم في مأزق حقيقي تجلى في خطبها الثورية في أكثر من مجلس أثارت فيه (سلام الله عليها) حماس الجماهير للثورة على الطغاة وكادت عروشهم أن تتهاوى بفعل هذه الخطب والمواقف المؤثرة.
وتستمر التعليمات الزينبية للتعريف بأهل البيت وبمن قتل منهم فعندما كان الأطفال من أسرى آل البيت (عليهم السلام) يمرون على جموع الناس،
كانت نسوة أهل الكوفة يسارعن في حمل الخبز والتمر ويلقين به على الصبية والأطفال،
فكانت بطلة كربلاء ترفض ذلك وتأمر الأطفال بالامتناع عن أخذ ما يعطونه وتصيح بالجموع
(يا أهل الكوفة نحن أهل البيت لا تحل علينا الصدقات)
وهكذا كانت مواقفها تتوالى للإعلان عن هوية الأسرى
وبأنهم آل بيت النبي محمد (صلى الله عليه وآله) لكي تعرف المغرر بهم أن هذه المعركة إنما هي ضد الإسلام وبنيه وأبناء نبيه صلوات الله عليهم أجمعين.
قال حذيم الأسدي:
لم أر والله خفرة قط انطق منها،كأنها تنطق وتفرغ من لسان علي (عليه السلام) وقد أشارت إلى الناس
بان انصتوا، فارتدت الانفاس، وسكنت الأجراس،
ثم قالت:
أما بعد يا أهل الكوفة، يا أهل الختل، والغدر والخذل، اتبكون فلا رقأت العبرة، ولا هدأت الزفرة..
هل فيكم إلا الصلف والعجب والشنف والكذب. وملق الاماء، وغمز الأعداء. قد ذهبتم بعارها، ومنيتم بشنارها، ولن ترحضوها (أي لن تغسلوها) أبداً، وانى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ حربكم، ومعاذ حزبكم.. أتدرون ـ ويلكم ـ أي كبد لمحمد (صلى الله عليه وآله) فريتم؟
وأي كريمة له ابرزتم؟وأي حرمة له هتكتم؟ وأي دم له سفكتم؟..
قال حذيم:
فرأيت الناس حيارى قد ردوا أيديهم في أفواههم. فالتفت إلى شيخ في جانبي يبكي وقد اخضلت لحيته من البكاء
وهو يقول:
بأبي وأمي، كهولهم خير كهول، ونساؤهم خير نساء، وشبابهم خير شباب، ونسلهم نسل كريم، وفضلهم فضل عظيم،
ثم أنشد:
وحين جيء بالسبايا إلى قصر ابن زياد أخذ يستعرض عائلة الرسول الله (صلى الله عليه وآله) بالسؤال عن أفرادها،
ثم سأل:
من هذه المنحازة عن النساء؟
فقيل:
زينب بنت علي،
فقال:
الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم، وأكذب احدوثتكم،
فأجابته (عليها السلام):
(الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) وطهرنا من الرجس تطهيرا، انما يفتضح الفاسق، ويكذب الفاجر، وهو غيرنا).
قال ابن زياد:
كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك؟
قالت:
(ما رأيت إلا جميلا، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم، فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أمك يا ابن زياد).
فغضب ابن زياد واستشاط من كلامها معه في ذلك الحشد الكبير.
وحينما جيء بالسبايا إلى الشام، وادخلن إلى قصر يزيد
سمعت زينب (عليها السلام) يزيد يتمثل بأبيات ابن الزبعري
فأنبرت له العقيلة زينب (عليها السلام) وألقت خطبتها المعروفة في مجلسه،
وكان منها:
(أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وامائك وسوقك بنات رسول الله سبايا،.. وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء، ونبت كمة من دماء الشهداء،.. فوالله ما فريت إلا جلدك، ولا حززت إلا لحمك، ولتردن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما تحملت من سفك دماء ذريته، وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته.. ألا فالعجب كل العجب، لقتل حزب الله النجباء، بحزب الشيطان الطلقاء.. فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي: ألا لعنة الله على الظالمين..).
فكانت (سلام الله عليها)
صرخة الحق التي نبهت الغافلين من رقدتهم.
فسلام الله عليك يا سيدتي
يوم ولدت
ويوم توفيت كمداً
ويوم تبعثين مع الشهداء والصديقين
وحسن أولئك رفيقاً.
--~--~---------~--~----~------------~-------~--~----~
عظم الله اجورنا واجوركم بمصاب سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام
وجعلنا الله واياكم من الطالبين بثأره يوم الوعد الموعود
--~--~---------~--~----~------------~-------~--~----~
من الأحداث الإعجازية بعد مقتل الإمام الحسين عليه السلام
مطرت السماء يوم شهادة الحسين دما، فأصبح الناس وكل شيء لهم مليء دماً، وبقي أثره في الثياب مدة حتى تقطعت، وأن هذه الحمرة التي تُرى في السماء ظهرت يوم قتله ولم تُر قبله
من مصادر أهل السنة
ذخائر العقبى 144-145-150، تاريخ دمشق 4/339، الصواعق المحرقة 116 و 192، الخصائص الكبرى 126، ينابيع المودة للحمويني 320 و 356، تذكرة الخواص 284
لما قتل الحسين مكث الناس سبعة أيام إذا صلوا العصر نظروا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة من شدة حمرتها، ونظروا إلى الكواكب تضرب بعضها بعضا
من مصادر أهل السنة
المعجم الكبير 146، سير أعلام النبلاء 3/210، تاريخ الخلفاء 80، الصواعق المحرقة 192، احقاق الحق 11/465 - 466، اسعاف الراغبين 251
لما قتل الحسين مكث الناس شهرين أو ثلاثة كأنما لطّخت الحيطان بالدم من صلاة الفجر إلى غروب الشمس
من مصادر أهل السنة
تذكرة الخواص 284، الكامل في التاريخ 3/301، البداية والنهاية 8/171، أخبار الدول 109، إحقاق الحق 11/466، 467
لم تكن في السماء حمرة حتى قتل الحسين، ولم تطمث امرأة بالروم أربعة أشهر إلا وأصابها وضح، فكتب ملك الروم إلى ملك العرب : قتلتم نبيا أو ابن نبي
من مصادر أهل السنة
المعجم الكبير : 146، مقتل الحسين 2/90، تاريخ دمشق 4/339، سير أعلام النبلاء 3/211، الصاعق المحرقة 19، مجمع الزوائد 9/197، منتخب كنز العمال - بهامش المسند 5/112، ينابيع المودة 322 و 356، إحقاق الحق 11/471 - 473
لم تبكِ السماء إلا على اثنين : يحيى ابن زكريا، والحسين، وبكاء السماء : أن تحمر وتصير وردة كالدهان
من مصادر أهل السنة
تاريخ دمشق 4/339، كفاية الطالب 289، سير أعلام النبلاء 3/210، تذكرة الخواص : 283، الصواعق المحرقة192، يناب يع المودة 322، تفسير القرآن لابن كثير 9/162، إحقاق الحق 11/476-478
لما قُتِل الحسين اسودّت السماء اسوداداً عظيما، وظهرت الكواكب نهارا حتى رؤيت الجوزاء عند العصر، وسقط التراب الأحمر، ومكثت السماء بلياليها كأنها علقة
من مصادر أهل السنة
تاريخ دمشق 4/339، الصواعق المحرقة 116
امتنعت العصافير من الأكل يوم عاشوراء
من مصادر أهل السنة
مقتل الحسين 2/101، إحقاق الحق 11/492-493
لما قُتل الحسين جاء غراب فوقع في دمه، ثم تمرّغ، ثم طار فوقع بالمدينة على جدار دار فاطمة بنت الحسين
من مصادر أهل السنة
مقتل الحسين 2/92، إحقاق الحق 11/492-493
< FONT size=5 >
وُجد مكتوبا على بعض جدران دير :
أترجو أُمة قتلت حسينا .......... شفاعة جده يوم الحساب
فلما سألوا الراهب عن السطر ومن كَتَبه، قال : مكتوب ههنا من قبل أن يبعث نبيكم بخمسمائة عام
من مصادر أهل السنة
الأخبار الطوال : 109، حياة الحيوان 1/60، نور الأبصار 122، كفاية الطالب 290، إحقاق الحق 11/567-568
لما قتل الحسين واحتزوا رأسه وقعدوا في أول مرحلة ليشربوا النبيذ خرجت عليهم يد من الحائط معها قلم حديد، فكتبت سطرا بدم :
أترجو أمة قتلت حسينا ............. ......... .... شفاعة جده يوم الحساب
من مصادر أهل السنة
المعجم الكبير 147، ذخائر العقبى 144، مقتل الحسين 2/93، كفاية الطالب 291، تاريخ دمشق 4/342، تاريخ الاسلام 3/13، مجمع الزوائد 9/199، البداية والنهاية 8/200، الصواعق المحرقة 116، الخصائص الكبرى 2/12، الطبقات الكبرى 1/23، جمع الفوائد 2/217، وسيلة المآل 197، إسعاف الر اغبين 217، ينابيع المودة 230 و 315، إحقاق الحق 11/561-565
قال أبو رجاء : لا تسبوا عليا ولا أهل هذا البيت، إن رجلا من بني الهجيم ( إن جاراً من بلهجيم ) قدم من الكوفة فقال : ألم تَرَوا إلى هذا الفاسق ابن الفاسق !!! إن الله قتله !! ويعني الحسين بن عليه ، فرماه الله بكوكبين في عينيه وطمس الله بصره
من مصادر أهل السنة
المناقب لأحمد بن حنبل : مخطوط، المعجم الكبير 145، تالايخ دمشق 4/430، كفاية الطالب 296، الصواعق المحرقة 194، مجمع الزوائد 9/196، أخبار الدول 109، المختار 22، تهذيب التهذيب 2/353، سير أعلام النبلاء 3/211، ينابيع المودة 220، وسيلة المآل 197، إحقاق الحق 11/547-550
لم يبق ممن قتل الحسين إلا عُوقب في الدنيا : إما بقتل، أو عمى، أو سواد الوجه، أو زوال الملك في مدة يسيرة
من مصادر أهل السنة
التذكرة 290، إسعاف الراغبين 192، ينابيع المودة 322، إحقاق الحق 11/513
ابتلاء رجل حال بين الحسين وبين الماء بالعطش، بعدما أن دعا عليه الحسين بقوله : اللهم اظمئه اللهم اظمئه فكان يصيح من الحر في بطنه، والبرد في ظهره حتى انقد بطنه كانقداد البعير
من مصادر أهل السنة
مقتل الحسين 2/91، ذخائر العقبى 144، الصواعق المحرقة 195، مجابي الدعوة 38، إحقاق الحق 11/514-515
لما قال رجل للحسين : أبشر بالنار، دعا عليه الحسين وقال : رب حزهُ إلى النار، فاضطرب به فرسه في جدول فوقع عليه وتعلقت رجله بالركاب ووقع رأسه في الأرض ونفر الفرس فأخذ يمرّ به فيضرب برأسه كل حجر وكل شجرة حتى مات
من مصادر أهل السنة
تاريخ الأمم والملوك 4/327، المعجم الكبير 146، مقتل الحسين 2/94، ذخائر العقبى 144، الكامل في التاريخ 3/289، كفاية الطالب 287، وسيلة المآل 197، ينابيع المودة 342، إحقاق ا لحق 11/516-519
لما منعوا الحسين من الماء قال له رجل : أُنظر إليه كأنه كبد السماء لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشاً!! فقال الحسين : اللهم اقتله عطشا، فلم يرو مع كثرة شربه للماء حتى مات عطشا
من مصادر أهل السنة
الصواعق المحرقة 195، إحقاق الحق 11/520
موت أشخاص بالعطش منعوا الماء عن الحسين ودعا عليهم الحسين .
صيرورة رجل أعمى وسقوط رجليه ويديه، وذلك لإرادته انتزاع تكة الحسين بعدما رأى فاطمة في المنام ودعت عليه
انقطاع يد من سلب عمامة الحسين من المرفق ولم يزل فقيرا بأسوأ حال إلى أن مات
ذهب عقل رجل واعتقل لسانه عندما قال : أنا قاتل الحسين
من مصادر أهل السنة
البداية والنهاية 8/174، ينابيع المودة 348، مقتل الحسين 2/34، 94، 103، تاريخ دمشق 4/340، الكامل في التاريخ 3/283، المعجم الكبير 146، ذخائر العقبى 144، كفاية الطالب 287، وسيلة المآل 196، إحقاق الحق 11/522-525 و 528-530
لما جيء برأس عبيد الله ابن زياد وأصحابه وطرحت بين يدي المختار، جاءت حية وتخللت الرؤوس حتى دخلت في فم ابن زياد وخرجت من منخره ودخلت في منخره وخرجت من فيه، وجعلت تدخل وتخرج من رأسه بين الرؤوس، وصار الناس يقولون : خاب عبيد الله وأصحابه وخسروا دنياهم وآخرتهم، ثم تباكى الناس حتى انتحبوا من البكاء على الحسين وأولاده وأصحابه
من مصادر أهل السنة
صحيح الترمذي 13/97، مقتل الحسين 2/84، أسد الغابة 2/22، المعجم الكبير 145، ذخائر العقبى 128، سير أعلام النبلاء 3/359، الصواعق المحرقة 196، ينابيع المودة 321، إسعاف الراغبين 185، نور الأبصار 126 إحقاق الحق 11/542-545
صيرورة حرملة على اقبح صورة وأسودها، وما تمرّ ليه ليلة ويأخذ به إلى نار تأجج فيدفع فيها
من مصادر أهل السنة
التذكرة 291، ينابيع المودة 330، إسعاف الراغبين 192، نور الأبصار 123، إحقاق الحق 11/531-532
لما قال رجل : ما أحد أعان على قتل الحسين إلا أصابه بلاء قبل أن يموت، قال شيخ كبير : أنا ممن شهدها وما أصابني أمر كرهته إلى ساعتي هذه، وخبا السراج، فقام يصلحه، فأخذته النار، وخرج مبادرا إلى الفرات وألقى نفسه فيه، فاشتعل وصار فحمة
من مصادر أهل السنة
مقتل الحسين 62، تاريخ دمشق 4/340، كفاية الطالب 279، التذكرة 292، وسيلة المآل 197، سير أعلام النبلاء 3/211، الصواعق المحرقة 193، ينابيع المودة 322، إسعاف الراغبين 191، إحقاق الحق 11/536-539
ما تطيّبت امرأة بطيب نهب من عسكر الحسين إلا برصت
من مصادر أهل السنة
العقد الفريد 2/220، عيون الأخبار 1/212، إحقاق الحق 11/511
الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010
إن تنكروني فأنا نجل الحسن***سبط النبي المصطفى والمؤتمن
كانت الصفاح تتـقارع والرماح تتشابك والأبطال ترتجز وتتعالى الصرخات من كل جهة وقد بلغت القلوب الحناجر وحمي الوطيس وأثير النقع وعجّ المشهد بصهيل الغيرة وغليان الدم.. إذن فهي القيامة.. قيامة كربلاء.. وكربلاء تعني الحياة الأبدية كما تعني الموت الأبدي.. فلنتابع المشهد من زاوية أخرى.. من يخرج من تلك الخيمة؟!
إنه غلام لم يبلغ الحلم يشبه الحسن (عليه السلام) كثيراً، ولعله ابنه.. نظر إليه الحسين (عليه السلام)... اعتنقه وبكى ثم أذن له، فبرز كأن وجهه شقة قمر، بيده السيف وعليه قميص وإزار وفي رجليه نعلان، جعل يمشى بين صفوف الأعداء ويضرب بسيفه، مستخفاً بالموت غير آبه بالجمع كما يفعل الرجال الصناديد ولكن انقطع شسع نعله اليسرى فأنف أن يحتفي في الميدان وهو ابن أعظم الأنبياء فوقف يشد الشسع، وبينا هو كذلك إذ شد عليه عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي فقال له حميد بن مسلم: وما تريد من هذا الغلام؟ يكفيك هؤلاء الذين تراهم احتو شوه! فقال: والله لأشدن عليه، فما ولى حتى ضرب رأسه بالسيف فوقع الغلام لوجهه فصاح يا عماه فأتاه الحسين كالليث الغضبان فضرب عمرواً بالسيف فاتقاه بالساعد فأطنها من المرفق فصاح صيحة عظيمة سمعها العسكر فحملت خيل ابن سعد لتستنقذه فاستقبلته بصدرها ووطأته بحوافرها فمات.
وانجلت الغبرة وإذا الحسين قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجليه والحسين يقول بعداً لقوم قتلوك، خصمهم يوم القيامة جدك.
ثم قال (عليه السلام): عزّ والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك ثم لا ينفعك صوت والله كثر واتره وقل ناصره ثم احتمله وكان صدره على صدره (عليه السلام) ورجلاه يخطان في الأرض فألقاه مع علي الأكبر وقتلى حوله من أهل بيته.. رفع الحسين طرفه إلى السماء وقال: اللهم أحصهم عددا ولا تغادر منهم أحداً ولا تغفر لهم أبداً صبراً يا بني عمومتي صبراً يا أهل بيتي ،لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً.
في اثر هذا المشهد الدامي، من تراجيديا كربلاء، ابتدأ مشهد آخر لكنه يختلف عن سابقه تماماً إذ يبدو أن عرساً يوشك أن يقام.. وقد وقف المحتفلون والمهنئون على أبواب جنات الخلد وفي أيديهم باقات الزهور وآنية الخضاب وألوان النثار، تعلو وجوههم الفرحة والسرور وقفوا لاستقبال عر يسهم الغالي لكي تبدأ مراسم الزفاف الملائكي العظيم، ياله من مشهد جميل.. الرسول الأعظم جالس وعن يمينه علي وفاطمة، والحسن يستأذنهم ويرحب بالجموع الغفيرة من الأنبياء والرسل والملائكة والحور العين والولدان المخلدين وهم يجلسون على الأرائك متقابلين يتبادلون الشراب القدسي والفرح يغمرهم... ويبدو في زاوية من زوايا الجنة الفسيحة سرادق كبيرُ تجلل بالبهاء قد أعدّ للعريس... وما هي إلا لحظات حتى أرتفع النداء بالصلوات الدائمة على محمد وآله الطاهرين إعلاناً عن وصول القاسم بن الحسن (عليه السلام) فهب الجميع لاستقباله وليبدأ الزفاف كأعظم ما يكون.
ما أجمل الإيمان بالقضية العادلة وما أعظمه حسين ينزل من عرض القلب إلى ساحة الواقع المعاش والتطبيق العملي لقيمه ومبادئه..
كأني الآن قرب خيمة الإمام الحسين (عليه السلام) ليلة عاشوراء الفاصلة بين الحق والباطل، وقد اجتمع الأصحاب كلهم يستمعون إلى خطاب المولى وهو يعلمهم أن يوم عاشوراء هو يوم التضحية، والشهادة.. يوم الفتح الأكبر بالنسبة للمجاهدين حقاً في سبيل الله، لأنه يوم الوفادة على روح وريحان وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، فعاشوراء إذن هو البرزخ بين حياة دنيوية زائلة مريرة مع الظالمين وبين حياة هانئة سعيدة بقرب الأنبياء والصديقين والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.. وما يوم عاشوراء إلا مركبة سريعة للانتقال من هذا العالم المكتظ بالأزمات والانفعالات والنكبات التي يعانيها المؤمن على أيدي الفجار الذين أرادوا حرث الدنيا فسعوا لها سعيها فحرموا أنفسهم من جنة ونعيم.
وأصر الحسين في خطابه للأصحاب على أنهم مخيرون بين البقاء معه أو المفارقة ولا تثريب عليهم أن يتخذوا الليل جناحاً... وانطفأ آخر المصابيح كي تجد القلوب المظلمة مجالاً للذهاب، وكان (عليه السلام) قد فتح جميع الطرق التي كانت تنتهي من الخيمة إلى العافية والسلامة وكان الكبار والصغار قد جلسوا إلى جانب بعضهم البعض وظهر على الجباه حياءُ شديد، وأطبق الصمت فلم تسمع سوى الأنفاس، كسيمفونية ترافقت كلمات النبل الحسيني التي فاضت بأعذب حسن الشعر على لسان القائد العظيم:
أما بعد: فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي فجزاكم الله جميعاً عني خيراً ألا وإني لأظن يومنا على هؤلاء الأعداء غداً، وإني قد أذنت لكم جميعاً فانطلقوا في حل ليس عليكم مني ذمام وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي فجزاكم الله جميعاً خيراً ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله فان القوم إنما يطلبونني ولو أصابوني لهو عن طلب غيري.
وهنا بالضبط.. تكسر الصمت.. وكان العباس أول من كسره قائلاً: ولم نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك؟ لا أرانا الله ذلك أبداً.
ولما سمع الحسين (عليه السلام) كلام أخيه.. ظهرت ابتسامة هادئة على شفتيه المباركتين رافقتها قطرات دمع سالت على وجهه ووجه أخيه العباس، وبعد كلام القمر الهاشمي الذي أعاد إلى الأذهان عظمة رنين صوت علي (عليه السلام) جرت الجرأة في عروق الحاضرين.
التفت الإمام إلى أولاد عقيل وقال: يا بني عقيل حسبكم من القتل بمسلم فاذهبوا أنتم فقد أذنت لكم.
فقالوا جميعهم: سبحان الله فما يقول الناس لنا؟
يقولون أنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام، ولم نرم معهم بسهم ولم نطعن معهم برمح ولم نضرب معهم بسيف ولا ندرى ما صنعوا، لا والله، لا نفعل ذلك ولكن تفديك أنفسنا وأموالنا وأهلونا ونقاتل معك حتى نرد موردك فقبح الله العيش بعدك.
وقام إليه مسلم بن عوسجة فقال: أنحن نخلي عنك ولما نعذر إلى الله في أداء حقك، أما والله حتى أطعن في صدورهم برمحي واضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة والله لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ونهض زهير بن القين وقال: والله لوددت أنني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتى أقتل هكذا ألف مرة، وأن الله جل وعز يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك.
وتكلم بقية الأصحاب بنفس هذه اللهجة الصادقة والمفعمة بالثقة والحب والشهامة، ودعا الإمام للجميع بالخير وأشاد بهم وبموقفهم المقدس وبدأ يرسم لهم صورة الغد فقال: يا قوم إني غداً أقتل وتقتلون كلكم معي ولا يبقى منكم واحد.
على هامش هذا الحوار الغامر بالعواطف الإنسانية النبيلة، ومشهد التفاني والإخلاص الذي دار بين القائد وجنده، كان ثمة حوار آخر يدور.. ولكنه حوار داخلي بدأ بسؤال القاسم بن الحسن نفسه بعد أن امتلأ كيانه شوقاً للشهادة وحماساً لنيلها خاصة وأنه قد سمع بشارة عمه الإمام لأصحابه: ترى هل أنني سأصبح مشمولاً بهذا الوصال، أنا لست أكثر من فتىً ولم أبلغ حتى الآن سنّ التكليف والرشد، وبنبرة من الحزن والأسى.. أضاف.. من المحتمل أن لا أكون ممن قصدهم عمي بسبب صغر سني... وهنا انتفض القاسم ونهض ليجتاز الصفوف وهو في حيرة من أمره أيتكلم أم لا يتكلم ولما اقترب من الإمام الحسين (عليه السلام)، نطق بصعوبة وهيبة شديدتين: هل سأكون من القتلى؟ طرح هذا السؤال وقد ارتسمت على وجهه علامات الحب والحماس فلا مجال للتردد أو الخوف.. وكان كلامه يحمل رنيناً ونغمة تذكر بالسبط الأكبر.. أبيه (عليه السلام)، الأمر الذي جعل الحسين (عليه السلام) ينتقل بذهنه لحظة إلى مشهد الطست الذي رأى فيه قطع كبد الحسن (عليه السلام)، ومكث قليلاً وقد ران الصمت، فهل يمكن عدم الرد على سؤال القاسم؟!
من أجل ترويج مزاج الشهادة بين الأصحاب اختبر الإمام ابن أخيه بسؤاله: يا بني كيف الموت عندك؟
أجاب القاسم بلا فصل: يا عم أحلى من العسل.
وحدق الحسين بوجه القاسم الذي كان كالقمر بهاءاً وتذكر مراراً أخاه الزكي (عليه السلام). ثم ما لبث أن قال له: إي والله فداك عمّك.. إنك لأحد من يقتل من الرجال معي بعد أن تبلو بلاءاً عظيماً.
فطارت على شفتي القاسم ابتسامة عريضة وطفح وجهه بفرحة غامرة بتلك البشرى العظيمة.. تقدم ليقبل يد عمّه المباركة.. وحين اقترب من الإمام ضمه إلى صدره وامتزجت ضحكة القاسم ببكاء الحسين (عليه السلام) وبكى الأصحاب كلهم لهذا المشهد الدرامي الفريد من نوعه.
مضت ليلة عاشوراء ثقيلة وئيدة الخطى.. وجاء الفجر مؤذناً ببدء تأريخ جديد.. في صفحة السماء.. تجلت صورة من بريق السيوف وهي تقطر دماً عبيطاً، لملامح يوم الفتح الحسيني الأكبر، فيما اغبر وجه الأرض وكلح كأنه يحكي قصة الانهزام.. انهزام الإنسانية من قيمها، والسقوط إلى منحدر الجريمة..
فما إن توسطت الشمس كبد السماء، توسط عمر بن سعد الصفوف واضعاً السهم في قوسه ثم رماه نحو أصحاب الحسين (عليه السلام) وهو يصيح بأعلى صوته: اشهدوا لي عند الأمير أني أول من رمي وكان هذا السهم المارق فاتحة لوابل كثيف من السهام نزعت عن قوى الإثم والعدوان إلى صفوف أنصار الحق والفضيلة فبرزوا لمضاجعهم ونداء الله أكبر يتعالى ويتردد في الأرجاء بلا توقف.
واشتبكت الأسنة والرماح وتطايرت الرؤوس كتطاير الكتب كلٌ إلى سبيله المعلوم لتحشر كل أمةٍ بإمامهم.
فأصحاب الحسين (عليه السلام) ما أصحاب الحسين في جنات وعيون، وأصحاب يزيد إلى جهنم وبئس المصير.
وكان شباب بني هاشم ينتظرون بفارغ الصبر لحظات التضحية وقلوبهم مشتاقة لملاقاة الموت إحياءً لحقيقة الدين وشريعة سيد المرسلين محمد (صلى الله عليه وآله)
وعند حلول الموعد وتحصل الإذن برز القمر الأول شبيه المصطفى، علي الأكبر ليصبح أول شهيد هاشمي.
كان ذلك البطل المؤمن يخاف أن تتأخر تضحيته بسبب العواطف الأبوية فهو الابن الأكبر لأبيه الحسين (عليه السلام) وهو الشبيه خلقاً وخلقاً بجده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان أهل البيت (عليهم السلام) إذا ما اشتاقوا لرؤية جدهم المصطفى نظروا وأطالوا النظر استزادة بالتمتع بهيئته التي لا تخرم هيئة الرسول (صلى الله عليه وآله)، ولهذا كله بذل جهده من أجل أن ينال الشهادة قبل جميع الشباب الهاشميين أقرانه، وبادر إليها مرتجزاً ينشد الموت في سبيل الله وكأنه مقبل على الحياة... وقاتل حتى قتل.. فوقف الحسين (عليه السلام) عليه ووضع خده على خده وأمر فتيانه فقال: احملوا أخاكم فحملوه من مصرعه حتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه.
وهنا تأججت نار الحمية مستصرخةً في صدر القاسم بن الحسن (عليه السلام) فأقبل بكل عزم وبسالة إلى عمه الحسين (عليه السلام) يطلب الإذن للجهاد والتضحية شفعاً لابن عمه ورفيقه في الدنيا والآخرة.
اقترن وقت استئذان والقاسم مع وقتٍ استشهد فيه جميع أصحاب الإمام وعدة من أبناء السلالة الهاشمية وكان الحسين يحب ابن أخيه لأنه صورة عن أبيه الحسن (عليه السلام) فتريث قليلاً قبل أن يأذن له.. ما الذي يدور الآن في خلد الحسين (عليه السلام)؟!
لقد تجسدت أمام ناظريه شهادة أخيه الإمام الحسن (عليه السلام) وما رافقها من حوادث مرة. ولم ينس كيف أن الظالمين لم يسمحوا بدفن جثمانه إلى جوار مرقد جده وتذكر منظر السهام التي رشقوا بها الجثمان الطاهر.
كان طلب القاسم الإذن للقتال قد أثار لدى عمه حزناً عميقاً لم يزل يختلج في قلبه.. وأخذ ينظر إليه وشريط الذكريات يدور في ذهنه فكيف يأذن لنجل أخيه وهو في ريعان الصبا ولما يبلغ الحلم بعد، أن يبرز لقتال الأمويين الأشرار الذين خليت قلوبهم من الرحمة...
وأحس القاسم بما يفكر فيه عمه وإمامه المفترض الطاعة فداخله حزن شديد، فوضع رأسه بين رجليه وأراد أن يبكي بمجرد أن طرأت على باله فكرة رفض طلبه بالقتال ثم توجه إلى عمه بالقول: أيها الإمام، لم تعد لدي طاقة على مفارقة الأحباب والأقارب وقد أجلسني الدهر في أرض البلاء والمصيبة، فدعني أنتقم للشهداء وأرد على سؤال أهل الضلال القتال بلساني وسناني حتى أنقلب إلى حيث انقلب أبي وجدي وإخواني الشهداء في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
قال الإمام ما معناه: أنت أنيسي في هذه الصحراء فكيف لي أن أتحمل غم بعدك؟!
فنهض القاسم فجأة.. إذ تذكر أن أباه كان أوصاه وشد تعويذة على ساعده الأيمن ونبهه أن بإمكانه أثناء تألم الخاطر أن يقرأها ويعمل بمضمونها.. فتح التعويذة وقبلها ونظر بدقة إلى نصها وعثر فيها على حلّ يفرغ ما أثقل صدره من همّ ثم أسرع إلى عمه الحسين (عليه السلام) يقرئه وصية ودعاء السبط الأكبر.. فأخذ (عليه السلام) يبكي بألم وحسرة ثم تكلم إلى القاسم بما معناه: بني ستذهب بنفسك نحو الموت.. فأجاب القاسم بسرور لاح على وجهه:
كيف لا يكون هذا وأنت وحيد بين الأعداء ولا ناصر لك.. فديتك بنفسي.؟؟
كان لكلامه العذب وقع في النفوس وكانت العيون تنظر إليه بدهشة... و حين نزل لم يعرفه أحد من الأعداء إذ كان متنقباً.. بدأ يجول في ميدان الحرب كأنه علي بن أبي طالب وضغط على فرسه بقدميه كما يفعل الفرسان المحترفون واهتزت الأرض من تحت الأقدام وبدوا كأن رؤوسهم وأعناقهم مشدودة بحبل كان في يده فتدور الأعناق والرؤوس حيثما دار ابن الحسن (عليه السلام) وتارة كانت الرؤوس تتقدم العيون في الملاحقة وتصبح العيون أكثر حيرةً وذلك عندما وقع النقاب عن وجهه بسبب الريح فظهرت بعض شمائله أولاً ثم بزغ وجهه كأنه البدر ليلة تمامه، وجعل يرتجز:
إن تنكروني فأنا نجل الحسن***سبط النبي المصطفى والمؤتمن
هذا حسين كالأسير المرتهـن***بين أناس لاسقوا صوب المزن
وحمل على الأعداء فأصاب منهم - على صغر سنة وعطشه - خمسةً وثلاثين رجلاً، ولم يتمكنوا منه إلا غيلة إذ رماه أحد الأشقياء واسمه شيبة بن سعد برمح في ظهره خرج من صدره وأسقطه على الأرض صريعاً مضرجاً بدمائه..
وسعى إلى إخفاء أنينه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً كي لا يرى الظالمون أثراً للعجز والأنين فيه وإنما استقبل الشهادة بثغر باسم ووجه مستبشر.